Unknown

صورة الشرق الاوسط ما بعد الانقلاب في مصر



--

صورة الشرق الاوسط ما بعد الانقلاب في مصر

تقييم للدكتور رمضان غوزان العضو التدريسي في قسم العلاقات الدولية في جامعة يلدرم بيازيد

صورة الشرق الاوسط ما بعد الانقلاب في مصر
نشر في 8/10/2013 9:52:12 AM UTC
تم التحديث في 8/10/2013 9:52:12 AM UTC

ان الانقلاب العسكري والتطورات التي تلتها، كان لهما تأثير كبير ليس فقط على مصر والمنطقة وانما على النظام العالمي ايضا. ومنذ حدوث الانقلاب العسكري في 3 من تموز / يوليو المنصرم، الفوضى والشكوك مازالت مستمرة. وعقب الانقلاب تم تشكيل حكومة جديدة بدلا عن حكومة مرسي ولكن الوضع لم يستقر بتاتا. بينما الملايين من مؤيدي مرسي وجماعة الاخوان المسلمين مازالوا يواصلون مقاومتهم ضد الانقلاب. وان الشعب في ميدان رابعة العدوية يطالب باطلاق سراح مرسي واعادته الى منصبه كرئيس للجمهورية ويجاهد من اجل استعادة حقوقه الديمقراطية. وانه في الفترة التي يتفاقم فيها التوتر بين الشعب الرافض للانقلاب وبين قوات الانقلابيين، فتحت قوات الامن النيران على المدنيين مما ادى الى مقتل اكثر من 200 شخص. و جميع تلك التطورات تشير الى ان الانقلاب العسكري في مصر لم يكن ناجحا بمعنى الكلمة وان مصر تستمر في العيش على شفا حفرة.

ان ردود الافعال بشان الانقلاب العسكري، كشفت عن صورة محزنة للغاية وتدعوا الى التفكير فيما يحدث. مع الاسف، ان الانقلاب العسكري اما ان يكون قد دعم من قبل بعض الدول او تمت الموافقة عليه من قبل دول اخرى عن طريق السكوت على ما يحدث. واغلبية دول المنطقة مثل المملكة العربية السعودية وقطر دعمت الانقلاب العسكري بالطرق الدبلوماسية اضافة الى تقديمها دعما عسكريا واقتصاديا. كما ان تركيا كانت من اقوى دول العالم بما فيها الدول الغربية التي تعتبر مهد الديمقراطية، دفاعا عن الديمقراطية في مصر. ان تركيا اضافة الى رفضها للانقلاب العسكري فانها طالبت باعادة الحقوق الديمقراطية الى مرسي ومؤيديه. وحتى ان كانت العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين تركيا ومصر مستمرة الا ان تركيا تقيم علاقات حذرة مع ادارة الانقلابيين.

اما ادارة واشنطن، فانها اضافة الى عدم وصفها للتدخل العسكري بانقلاب عسكري فان وزير الخارجية الامريكي جون كيري ادعى ان الانقلابيين انشئوا الديمقراطية من جديد. كما ان تصريح ادارة اوباما بانها لا تدعم طرف على حساب طرف اخر في مصر او مطالبة الانقلابيين للانتقال الى المرحلة الانتقالية، بالتاكيد فانها غير مناسبة لاخلاقيات الديمقراطية. كذلك الحال بالنسبة للموقف المرفوض للمفوضة السامية للعلاقات الخارجية والسياسات الامنية في الاتحاد الاوربي كاثرين اشتون اذ التقت بمرسي وفي الوقت ذاته بالحكومة التي قامت بالانقلاب العسكري في مصر. و موقف الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي هذا، يعتبر الاعتراف بالانقلاب العسكري بصورة غير مباشرة.

ان التطورات المتعلقة بمصر، تعطي رؤوس اقلام مثيرة عما سيحدث في الفترة القادمة والقرن القادم. ان الاحداث التي مركزها مصر، تمتلك خاصية اعادة تشكيل ليس فقط النظام في مصر وانما في المنطقة اجمع، والعالم الاسلامي والدولي. وان تلك الخاصية هي مقاومة الشعب المستمر منذ شهر ضد الانقلاب العسكري في مصر. كما ان التاريخ يشهد ولاول مرة الانقلاب العسكري واحداث ضد الانقلاب. وكان في القرن العشرين عندما يحدث انقلاب عسكري فان الشعب كان لايبدي اي رد فعل لانه قمع من قبل الانقلابيين. وعقب الانقلاب كانت الشوارع تخلو من المارة ويلتزم الناس بيوتهم وتتجول الدبابات في الشوارع ويتم تاسيس نظام جديد وتوحيده . وبعد الثورة كان يتم اعتقال اوسجن او قتل من يعترض على الوضع.

ولكن مصر اليوم تعيش مسيرة انقلاب وتمرد مختلفة عن هذا. ان مرسي والداعمين له ليسوا فقط ضد السيسي والحكومة التي شكلها، بل وفي نفس الوقت يعتبر تمردا ضد الداعمين للانقلاب في المنطقة والعالم. بل وحتى فأن مرسي والموالين له ، يكافحون من اجل الديمقراطية والحق والقانون والشرف ضد النظام الدولي الموجود. الثورة الفرنسية بعد القرن الثامن عشر والثورة السوفيتية بداية القرن العشرين وفي النهاية الثورة الايرانية كانت ثورات تقليدية. الان تعيش مصر ثورة ديمقراطية معاصرة. في الواقع، يمكن القول ان الثورة المصرية تحدث الان وليس اثناء الاطاحة بمبارك.

والميزة الاخرى للثورة المصرية ، هي ان هذه هي المرة الاولى التي يتم الاعتراض فيها على بنية سلطوية بحركة شعبية في دولة اسلامية. وبشكل تقليدي فأن غالبية الدول الاسلامية كانت تدار من قبل انظمة عسكرية او ملكية استبدادية، ولم يتم السماح للحركات الشعبية او حتى تم قمعها بشكل دموي. و الثورة الايرانية الوحيدة في العالم الاسلامي، كانت تحمل طابعا دينيا. اما التمرد الشعبي في مصر، تحمل صفة ثورة ديمقراطية وليست دينية على الرغم من تنظيمها من قبل الاخوان المسلمين. لان المتجمعين في العدوية والميادين الاخرى، يطالبون باعادة حقوق مرسي المنتخب بانتخابات حرة والذي يعتبر الممثل الديمقراطي للشعب.

ان مسيرة الثورة هذه، تفتح عهدا جديدا في الشرق الاوسط والدول الاسلامية. الظاهرة المصرية قد تنعكس على العالم بشكلين. في البداية ، فأن محاولات الانقلاب بعد الان ستقل. ولن يمكن للطغم العسكرية الخائفة من تمرد الشعب، ان تقوم بانقلابات بشكل سهل. والثاني، فأن الانظمة الملكية والدكتاتورية الموجودة، ستشعر بضغوط شعوبها بشكل اكثر. ان دعمهم للانقلاب في مصر قد لا يضمن مستقبل هذه الادارات.

وفي النهاية، فأن التجربة المصرية قد تخلق تضامنا ودراية ديمقراطية تتعدى الحدود في جميع الدول الاسلامية. مهما كانت هذه الظاهرة غير قوية حتى الان، الا ان الشعوب الموالية للديمقراطية في الدول الاسلامية وحتى في الغرب تتعلم الكثير من التجربة المصرية.

من غير المعروف الان هل ان هذا الوضع سيولد تأثيرا ونتيجة كالثورة الفرنسية. ولكن يمكن القول ان الظاهرة المصرية قد تؤثر على الوضع الراهن في الشرق الاوسط والعالم الاسلامي، وهذا سينعكس على النظام العالمي. الثورات الديمقراطية ستستمر على مدى القرن الحادي والعشرين في الشرق الاوسط. ولن يتم مجددا تشكيل ادرات عسكرية مثل تلك التي في فترة الحرب الباردة. قد تكون هناك مسيرة دمقرطة جديدة ستولد من التعاون الاسلامي والديمقراطي، حتى ولو كانت ليست كتلك الموجودة في الدول الغربية.

اما هذا التطور فسيساهم في مشاركة الشرق الاوسط والدول الاسلامية في النظام العالمي، وسيعزز تأثيرها. اضافة الى ذلك سيمكن رؤية نماذج ديمقراطية كثيرة وجديدة الى جانب تركيا. ان انتهاء الاحداث في مصر بنصر ديمقراطي، سيؤثر ايجابيا وجذريا في مسيرة تطور الربيع العربي.

وفي حال العكس، يعني في حال انتصار الانقلابيين في مصر، سيتم رؤية فوضى وغموض كالذي شوهد في مصر. ومن المعروف ان هذا ليس وضعا جيدا بالنسبة لاستقرار العالم.


نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

ابحث عن فندق مناسب

Booking.com

بحث هذه المدونة الإلكترونية